الصفحات

السبت، 5 يناير 2013

رينيه كاييه "ول كيج النصراني"




من جزء كبير من منطقة بواتو القديمة وبعض المناطق الصغيرة فى الجنوب تتشكل ولاية بواتو شارانت فى غرب فرنسا تلك المنطقة التى تعتبر من المناطق المشمسة فى فرنسا وتغطي جزءا مركزيا من السهل الساحلي المطل على المحيط الأطلسي وتقع إلى الغرب من أعلى ليموزين على تخوم الهضبة الوسطى عند حواف التلال المتموجة فى مناخ معتدل على الرغم من الصقيع فى الشتاء الذى يكون أقل صرامة على الساحل وفى الجزء الجنوبي تقع الأراضي الصالحة لزراعة القمح والشوفان كما تزرع البطاطا والتفاح و تقوم كروم العنب على نطاق واسع حيث تنشط صناعة الكونياك والنبيذ المحلي و صناعة الأجبان ، وفى الشرق جيث مقاطعة "Deux-Sèvres " تقبع قرية " Mauzé-sur-le-Mignon - " الوادعة وفيها رزق خباز من عامة الشعب فقير الأررومة والمنبت يدعى ﺃﻭﻏﻭﺴﺕ كاييه - Agauste Caillié " فى 19 نوفمبر سنة فى 1799 بولد كان يوم ازدياده مسجونا فى سرقة بسيطة فسمى المولود باسم " رينيه - René " ، تعلم رينيه الكتابة والقراءة وكان يعمل فى فرن أبيه ، وفى الفرن البسيط كان يقرأ كل ما تقع عليه عيناه من كتب وجرائد و قصص ، وهو حدث صغير ألهبت خياله قصة "روبنسون كروز " للكاتب دانيال ديفو تلك القصة التى تعتبر من أعظم القصص في تاريخ الأدب الأوربى والتى تشبه تشابها مريباَ قصة "حى بن يقظان " لابن طفيل لكن كاتبها دانيال يدعي أنه استقاها من حياة بحار علق في جزيرة مهجورة ويدعى " ألكسندر سيلكيرك " القصه كانت مصدرا لعدة قصص وأعمال أخرى مثل طرزان وماوكلى ، تلك القصة شغلت خيال الطفل ريينه وتابع بشغف بالغ فصولها ومغامرات بطلها كروز الدراماتيكية ، و زرعت فى وجدانه الغض روح المغامرة وحب السفر وارتياد الآفاق البعيدة . 
فى الحادية عشرة من عمره توفي والده وفى سنة 1811 توفيت والدته فربته جدته وعلم اسكافيا وحين بلغ السابعة عشرة من عمره رحل عن روشفور سيرا على الأقدام زار جزر " غوادلوب -
Guadeloupe الواقعة ضمن مجموعة جزر الأنتيل الصغرى والتي تمتد على شكل قوس من المحيط الأطلنطي والبحر الكاريبي حيث عمل بمنزل أحد الضباط وفي سنة 1816 اختفى رينيه كاييه في إحدى قطع أسطول عسكري فرنسي بقيادة العقيد اشمالتز كان متوجها إلى سان لويس لاسترجاعها من الإنكليز. وعند وصول الأسطول إلى سان لويس، واستتباب الأمر لفرنسا، حاول رينيه كاييه التوجه إلى الصحراء الكبرى بحثا عن تمبكتو، إلا أن المتنفذين ثنوه عن فكرته إشفاقا عليه وهو مراهق يافع، وأرسلوه-بدلا من ذلك - وكيلا تجاريا في أرخبيل الآنتيل حيث لم يمكث إلا ستة أشهر عاد بعدها إلى محاولة تحقيق هدفه الاستكشافي السامي، فغادر إلى بوردو بفرنسا ليغادرها سنة 1918 متوجها إلى السينغال من جديد حيث التقى بعثة استكشافية إنكليزية رافقها إلى غينيا وغامبيا فأصيب بمرض الملاريا أثناء الرحلة. وكان حتما عليه أن يعود إلى فرنسا التي عاد منها إلى السينغال سنة 1924 جاعلا نصب عينيه الوصول إلى تمبكتو بعد علمه بالجائزة القيمة التى ترصدها الجمعية الجغرافية الأوروبية لأول من يصل مدينة تمبكتو ويأتي بمعلومات عنها ، ماتحمله الجائزة من ثقل مادي 10000 فرنك فرنسي وبعد معنوي كبير يتمثل فى وسم الفائز بذلك اللقب الخالد " أول أوربي يصل إلى تمبكتو ويرجع بمعلومات عنها " شجع رينيه على المغامرة ، وصل السينغال وفى سنة 1825 رسم خطة يجوب من خلالها افريقيا وحصل من الحاكم الفرنسي العام بالسينغال من الفترة -1821- 1827 " بارون روجير " على رخصة للتوجه إلى المنتبذ القصي مصحوبا ببعض البضائع للإقامة و دراسة أخلاق وعادات البظان ودراسة اللغة العربية والدين الإسلامي لكن هدف رينيه الثابت والحلم هوالوصول إلى تمبكتو والذى أعد له الخطة اللآزمة ، منحه روجير بضائع للمتاجرة بها فوصل " بودور" 29 أغسطس 1824 ثم انتقل إلى منطقة لبراكنه وحذره من مغبة التوجه إلى تمبكتو منبها إلى أن العديد من الأوروبيين فقدوا حياتهم في محاولة الوصول إلى تمكتو المحظورة على غير المسلمين ، وصل رينيه إلى أحياء لبراكنة وأقام فيها زهاء السنة من أغسطس 1824 إلى مايو 1825 وسكن حي الأميرأحمدو ولد سيد أعلي الأول الذي تأمر ما بين " 1818 - 1841 " والمعروف بأحمدو ولد آغريشي أمير لبراكنة من أولاد السيد زعماء أولاد عبدلّ بن كَرُّومْ بن بن بَرْكَنِّ بن مَغفر بن أودَيْ بن حَسّان ،وتنقل بين حي الأمير و أحياء قبيلة إديجبه حيث درس " ول كيجَ " على الشيخ محمد ولد سيدي المختار مبادئ الدين ودرس فى المنطقة العادات مدعيا أنه مسلم وابن لثري فرنسي من أصل مغربي 
/
"ول كيجه " فى لبراكنه
كان يصوم أيام رمضان الحارة ويصلي الصلوات الخمس ، وكانت زوجة الأمير وبناتها يتسلين برؤيته ويتعجبن من شدة بياض بشرته وطول أنفه ويتفحصنه من كل مكان وكأنه من كوكب آخر كما كانت مظلتة الحمراء مثارالفضول، وكان رجال الأمير يظنونه معتوها لأنه كان يجمع بعض الحجارة وأنواعا من الأعشاب والتربة ، وأحيانا ينزعونها منه ويرمونها ارتيابا منهم فى نواياه ، شيئان كان رينيه يحرص على اخفائهما جيدا : أوراقه التى كان يسجل فيها ملاحظاته حيث كان يدسها بين أوراق مصحف عنده مدعيا أنه يتعلم القرءان وكان يكتب بقم رصاص فلم يكن عند حبر سيال ، الشيئ الثاني هو المال فقط كان يخفى بعضه فى ملابسه بعيدا والبعض فى نعاله لعلمه أن المال ضروري فى الرحلة ، غادر ول كيجه لبراكنه فى ابريل 1825 و ذهب إلى بوغى ومنها انطلق من " كاكوندي " مسافر شرقا على طول فوتا جالون حتى رأس نهر السينغال إلى أعالي نهر النيجر " كروسا " وصولا إلى مرتفعات " كونغ " التى أعاقه بها المرض حيث أصيب بداء الإسقربوط " داء الحفر " فمكث خمسة أشهر فى ضيافة أسرة ماندانيكية قدمت له العلاج حتى شفي ، ثم استأنف رحلته باتجاه الشمال الشرقي فى يناير 1828 وصل قرية " كانكان " و بعد رحلة مضنية فى الصحراء دامت ثلاثة أشهر وقطع خلالها مايربو على 1200 كيلومتر أكثرها كان مشيئا على الأقدام من المنتبذ القصي إلى غينيا إلى ساحل العاج إلى مالي وصل رينيه إلى جنوب مالي " تنكريلا " ، استأنف الرحلة من جديد ووصل هذه المرة إلى مدينة " جينيه " تلك المدينة ذات السمعة التجارية الكبيرة وصلها ول كيجه يوم 14مارس 1828 فاندهش من وجود البضائع الأوروبية المتنوعة بتلك المدينة مما يدل على تبادل تجاري بيني نشط بينها وبين المغرب والسينغال ، من مدينة جينيه رحل على متن زورق أوصله فى اليوم الموالي إلى ميناء " كوبرا " على ساحل منحنى نهر النيجر الذى هو ميناء تمبكتو ، تمبكتو المدينة الغافية على منحنى نهر النيجر على تخوم الصحراء بين الماء والرمل قنطرة بين السودان والمغرب تلك المدينة التى مثلت أسطورة فى خيال الأوروبيين فتسابقوا للوصول إليها واكتشاف ماتحويه من أسرار حيث لم يكن لديهم عنها من معلومات إلا ما نقله لهم الحسن بن محمد الوزان الزياتي الفاسي المعروف " بليون الإفريقي " الذى زارها فى القرن السادس عشر الميلادي فى عهدها الذهبي فكتب عنها كتابة جعلتها أسطورة الصحراء وجوهرتها و مضرب الأمثال ومثار الخيال عند الرحالة الأوروبيين الطامحين لوصولها ، وحين دخلها رينيه كاييه يو م 20 ابريل 1828 كانت تتخبط فى كساد شديد ، ذهب بهائها وبريقها فكان الفرق بين تفاصيل الواقع والمتخيل بينا ، 
مكث رينيه اسبوعين فى تمبكتو تمشى بين سككها وبيوتها جاعلا تفاصيلها نصب عينه الفاحصة " مكتبة أحمد بابا التمبكتي ، المسجد الفريد الذي صممه المعماري الأندلسي ابو أسحاق الساحلي فى ذلك المسجد الكبير كان يفرد أوراقه يكتب ويرسم وعندما يرى أحدهم قادما يدس أوراقه بين دفتي المصحف لتبديد الشكوك ، كتب كل التفاصيل 
، بعد أسبوعين فى تمبكتو " 20 أبريل إلى - 4 مايو " قرر رينيه الرحيل فأخذ طريق العودة مع قافلة من العبيد إلى المغرب فى رحلة وصفها بأنها أقسى من أي رحلة سبقتها فعانا معاناة كبيرة لكنه فى نهاية المطاف وصل مدينة تافلالت ومنها فاس يوم 12 أغسطس 1828 وصلها كئيب المنظر من وعثاء السفر فى أسمال بالية وخرق رثة وبعد بضعة أيام جاء نائب القنصل الفرنسي فى طنجة المونسيى ديلابورت الذى أخذ ول كيجه بين يديه وبكى بحرارة وأخذه معه إلى طنجة ، أعضاء الجمعية الجغرافية الأوروبية اتخذوا التدابير الآزمة والكافية من أجل عودة الشاب رينيه إلى فرنسا عودة المكتشف المنتصر ، فى 5 ديسمبر 1828 احتفت الجمعية الجغرافية برينيه فى باريس بحضور عالم الحفريات الشهير جورج كوفييه وحصل ول كيجه على 10000 فرنك فرنسي واستقبله الملك شارل العاشر وعينه قنصلا للمملكة فى باماكو ، وعُدّ أول أوربي يصل إلى تمبكتو ويعود بوصف كامل لها ، طبعا كان قد وصل لتمبكتو قبله بقليل البريطاني الميجور الكسندر غوردون لينغ لكنه قتل على أسوار تمبكتو دون أن يأتي بأخبار عنها ، أعد رينيه ونشر كتابه " رحلة إلى تمبكتو -
voyage a tombouctou " وعدّ الكتاب الأفضل مبيعات ، عاد رينيه إلى مسقط رأسه ليعيش بقية أيامه توفي فى 15 مايو 1839 عن عمر ناهز 39 عاما وهو متزوج وأب لأربعة أبناء أقيم له فى بلدته تمثال نصفي 

استولى الفرنسيون على تمبكتو فى ديسمبر
 1893
منقول من صفحة إكس ولد إكس ولد كريك 

هناك تعليقان (2):